تصل عقوبة التحرش في الامارات إلى الحبس والغرامة أو كليهما، وقد تتضاعف العقوبة إذا كان المجني عليه قاصرًا، أو إذا ارتُكبت الجريمة باستخدام سلطة وظيفية أو في مكان عام. لا يفرّق القانون الإماراتي بين تحرش جسدي أو لفظي أو إلكتروني، فجميع الأفعال التي تمسّ كرامة الإنسان أو تحرجه في جسده أو خصوصيته تُعد جرائم يُعاقب عليها.
في هذا المقال نُسلّط الضوء على قانون التحرش في الإمارات، ونشرح بالتفصيل العقوبات المقررة لكل حالة، بما في ذلك التحرش الجنسي بالأطفال، والاعتداء على قاصر، وأركان جريمة التحرش، إضافة إلى توضيح ما إذا كانت الجريمة قابلة للتصالح أم لا.
إذا كنت ضحية أو متهمًا في قضية تحرش، يمكنك التواصل مع محامي جنائي في الإمارات عبر زر الواتساب أسفل الصفحة.
جدول المحتوبات
عقوبة التحرش في الامارات
تصل عقوبة التحرش في الامارات إلى الحبس والغرامة أو كليهما، بحسب جسامة الفعل وظروف الواقعة، وقد تُضاعف العقوبة إذا اقترن التحرش بظروف مشددة كاستغلال السلطة، أو وقوع الجريمة في مكان عام، أو استهداف قاصر.
ويتميّز قانون التحرش في الإمارات بأنه لا يفرّق بين التحرش الجسدي أو اللفظي أو الإلكتروني، فجميع الأفعال التي تمس كرامة الإنسان أو تحرجه في جسده أو خصوصيته تُعد جرائم موجبة للعقوبة.
وتُظهر الممارسة القضائية في الدولة أن محاكم الدولة تنظر بجدية متزايدة إلى هذه الجرائم، حتى تلك التي تبدأ بـ”مزحة ثقيلة” في بيئة العمل أو الأماكن العامة. وقد حُوكم أشخاص بتهم التحرش اللفظي أو الجنسي لمجرد إطلاق عبارات أو تلميحات تم اعتبارها مهينة أو خادشة للحياء العام.
في الفقرات التالية، نسلّط الضوء على الأحكام التفصيلية المتعلقة بعقوبة التحرش الجنسي وعقوبة التحرش اللفظي في الإمارات.
عقوبة التحرش الجنسي في الإمارات
أقرّ المشرّع الإماراتي عقوبات صارمة على جريمة التحرش الجنسي بمختلف صورها، سواء كانت جسدية أو لفظية أو إلكترونية. وقد تم تنظيم هذه العقوبة في قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، وتحديدًا في المادة 413 منه، والتي جاءت لتعكس توجه الدولة في حماية الكرامة الإنسانية، ولا سيما في أماكن العمل والأماكن العامة.
فقد نصت المادة 413 من قانون العقوبات (المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 على ما يلي:
“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة، وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمّد مضايقة الغير بفعل أو قول أو إشارة مخلة بالحياء، سواء وقعت في طريق عام أو مكان خاص أو عبر وسيلة من وسائل التقنية الحديثة.”
تشديد العقوبة في بعض الحالات
إذا اقترن فعل التحرش بظروف مشددة – مثل:
- تكرار الفعل.
- ارتكابه من شخص في موقع سلطة أو وظيفة.
- وقوع التحرش في مكان عمل أو دراسة.
- استهداف الضحية بسبب جنسها أو ضعفها أو قُصُر سنّها.
فقد تُشدد عقوبة التحرش في الامارات لتصل إلى السجن مدة تصل إلى سنتين، والغرامة قد تتجاوز 100,000 درهم، حسب تقدير المحكمة.
أهمية إثبات نية الجاني
يلزم لإدانة المتهم أن يُثبت أن فعله كان مقصودًا ومخلاً بالحياء، وليس مجرد سلوك اجتماعي عفوي. ولذلك تولي المحاكم أهمية كبيرة لأدلة الإثبات مثل:
- التسجيلات المرئية أو الصوتية.
- شهادة الشهود.
- الرسائل النصية أو الإلكترونية.
- تقارير التحقيق الداخلي (في حالة الشركات).
عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات
لا يقتصر مفهوم التحرش في القانون الإماراتي على الأفعال الجسدية فقط، بل يشمل أيضًا التحرش اللفظي الذي يُعد انتهاكًا صريحًا لكرامة الفرد وسلامه النفسي، حتى إن لم يخلّف أذى ماديًا مباشرًا. وقد عالج المشرّع هذه الصورة من الجريمة ضمن نفس الإطار القانوني الذي ينظم التحرش الجنسي، مؤكدًا على عدم التهاون مع أي سلوك يتضمن تلميحات أو عبارات مخلة بالحياء.
ويشمل التحرش اللفظي – وفقًا للاجتهاد القضائي والفقه القانوني – كل قولٍ يتضمن:
- إيحاءات جنسية صريحة أو ضمنية.
- عبارات مهينة تتعلق بالجسد أو المظهر.
- نكات أو تعليقات بذيئة تحمل طابعاً غير مرحب به.
- التلميحات الجنسية المتكررة رغم رفض الطرف الآخر.
وتزداد جسامة الجريمة إذا وقعت في: بيئة عمل، أو مؤسسة تعليمية، أو مكان عام تشعر فيه الضحية بالإحراج أو التهديد.
العقوبة المقررة قانونًا
يُعاقب مرتكب التحرش اللفظي في الإمارات بموجب المادة 413 من قانون العقوبات، بالعقوبات التالية:
- الحبس لمدة لا تقل عن سنة واحدة.
- غرامة لا تقل عن 10,000 درهم.
- كلتا العقوبتين معًا، حسب ظروف الواقعة.
وتُشدد عقوبة التحرش في الامارات إذا تكررت الألفاظ أو ترافقت مع تهديد أو ابتزاز لفظي، أو إذا ثبت أن الجاني استغل مركزه الوظيفي أو نفوذه على الضحية.
التحرش اللفظي عبر الوسائل الإلكترونية
كما يُعتبر إرسال رسائل نصية أو صوتية أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق تعليقات مسيئة جنسيًا شكلًا من أشكال التحرش اللفظي الإلكتروني، وتخضع لأحكام قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.
مثال قضائي: حكمت إحدى المحاكم في إمارة الشارقة بحبس موظف لمدة 3 أشهر بعد إدانته بإرسال رسائل واتساب إلى زميلة له تتضمن تلميحات غير لائقة، رغم عدم توافر علاقة سابقة بينهما.
التحرش الجنسي بالأطفال والاعتداء على قاصر في القانون الإماراتي
تولي دولة الإمارات العربية المتحدة حماية حقوق الطفل أولوية قصوى، وقد خصّصت قوانينها عقوبات مشددة لكل من يعتدي على قاصر بأي شكل من أشكال الاستغلال أو التحرش الجنسي. وتُعد جريمة التحرش الجنسي بالأطفال من الجرائم الجسيمة التي لا يجوز فيها التصالح أو التساهل.
تعريف القاصر في القانون الإماراتي:
وفقًا لقانون حقوق الطفل الاتحادي (“قانون وديمة”)، فإن القاصر هو كل من لم يتجاوز سن الثامنة عشرة ميلادية.
النصوص القانونية المنظمة للعقوبة:
ينص قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 في المادة 409 على ما يلي:
“يعاقب بالسجن المؤقت كل من هتك عرض طفل أو شخص عاجز عن مقاومة الفعل، سواء برضاه أو دون رضاه، إذا لم يبلغ الجاني سن الرشد القانوني، أو كان المجني عليه دون 18 سنة.”
كما يجرّم القانون التحرش الجنسي اللفظي أو البصري أو الجسدي بالقاصر، حتى إن لم يصل إلى حد “هتك العرض”، ويعاقب عليه بالسجن والغرامة.
حالات تشديد العقوبة:
- إذا كان الجاني مسؤولاً عن رعاية الطفل (أب، معلم، مدرب).
- إذا استُخدمت وسيلة تقنية أو تم التهديد أو الابتزاز.
- إذا أُصيب الطفل بضرر نفسي أو جسدي دائم.
الفرق بين التحرش وهتك العرض في القانون الإماراتي
يمثّل التمييز بين التحرش الجنسي وهتك العرض مسألة جوهرية في توصيف الجريمة وتحديد العقوبة المناسبة لها. فبينما يُعد التحرش جريمة تمس الكرامة والحياء، فإن هتك العرض يُصنّف كجناية تمس الحرمة الجسدية وتستوجب عقوبات أشد. ويوضح الجدول التالي الفروقات القانونية بين الجريمتين عند التعامل مع القُصّر:
العنصر | التحرش الجنسي بالقاصر | هتك العرض بالقاصر |
---|---|---|
الفعل | قول أو إشارة أو لمس غير جنسي مباشر | فعل جنسي مباشر أو ملامسة أعضاء حساسة |
طبيعة الجريمة | جنحة أو جناية خفيفة | جناية مشددة |
العقوبة المتوقعة | تصل عقوبة التحرش في الامارات الحبس والغرامة | السجن المؤقت 5–15 سنة |
التصالح | غير جائز | غير جائز إطلاقًا |
تساعد هذه التفرقة المحاكم في توصيف الجريمة بدقة، وتحديد مدى جسامتها، وبالتالي فرض العقوبة المناسبة التي تضمن الردع وتحقيق العدالة، خصوصاً عندما يكون المجني عليه قاصراً وتحت الحماية القانونية المشددة.
تعرف أيضًا على: احكام قضايا هتك العرض في الامارات، وكيف يتم اثبات جريمة هتك عرض بالاكراه في الإمارات، وما هو هتك العرض الالكتروني في الإمارات، وما أبرز الدفوع في جريمة هتك العرض في الامارات.
أركان جريمة التحرش في القانون الإماراتي
لإدانة شخص بجريمة التحرش وفق القانون الإماراتي، لا يكفي وجود شكوى فقط، بل يجب توافر أركان قانونية محددة تُشكّل الجريمة بمفهومها الجنائي. وقد تبنّى القضاء الإماراتي ثلاثة أركان أساسية لأي جريمة تحرش:
أولًا: الركن المادي
ويتمثل في السلوك الظاهر الصادر عن الجاني، ويشمل:
- أفعال ملموسة مثل اللمس أو الاقتراب غير المبرر.
- أقوال صريحة أو تلميحات ذات طابع جنسي.
- إشارات أو نظرات تحمل إيحاءات.
- استخدام وسائل تقنية (رسائل، صور، مقاطع صوتية/مرئية).
يجب أن يكون هذا السلوك واضحًا ومخالفًا للآداب العامة، ويُشعر الضحية بالإهانة أو التهديد أو عدم الارتياح.
ثانيًا: الركن المعنوي
ويُقصد به نية الجاني في إيذاء أو مضايقة المجني عليه، ويجب أن يكون التحرش مقصودًا وليس عفويًا. يُثبت الركن المعنوي من خلال:
- تكرار السلوك رغم الرفض.
- إرسال رسائل في أوقات غير مناسبة.
- اختيار ألفاظ ذات دلالة جنسية واضحة.
ثالثًا: الركن الشرعي
ويعني وجود نص قانوني يُجرّم الفعل، وهو ما تحقّقه المادة 413 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، والتي تُحدّد عناصر التحرش والمعاقبة عليه.
ملاحظة: إذا لم يتوافر أحد الأركان الثلاثة (مثلًا: غياب القصد الجنائي، أو عدم وجود فعل ملموس)، فقد تُحفظ الشكوى من قبل النيابة العامة أو تصدر المحكمة حكمًا بالبراءة.
اقرأ أيضًا: عقوبة التحرش الإلكتروني في الإمارات؟ وكيف يتم التبليغ عن التحرش؟
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش في الإمارات؟
يتساءل كثيرون عمّا إذا كان من الممكن إنهاء قضية تحرش عبر الصلح أو التنازل، خصوصًا في الحالات التي تقع بين زملاء العمل أو الأقارب. لكن الواقع القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة يضع ضوابط صارمة للتصالح في الجرائم المرتبطة بالآداب العامة، وعلى رأسها جريمة التحرش.
بموجب قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي، فإن التحرش الجنسي، سواء اللفظي أو الجسدي، يُعد من الجرائم التي تمس النظام العام، ولا يُسمح بالتصالح فيها إلا في نطاق ضيّق جدًا.
- التحرش الجنسي بالطفل أو الاعتداء على قاصر: لا يجوز فيهما الصلح مطلقاً، ولو تنازل وليّ الأمر أو المجني عليه.
- التحرش الجسيم المصحوب بتهديد أو ابتزاز: كذلك، يُعد من الجرائم الجسيمة التي لا يشملها نظام التصالح.
متى يجوز التصالح؟
قد تنظر النيابة العامة أو المحكمة في أثر التنازل إذا توفّرت الشروط التالية:
- أن يكون التحرش لفظيًا فقط.
- أن لا يتكرر الفعل أو يكون له سوابق.
- أن لا يكون هناك ضرر نفسي أو جسدي مثبت.
- أن يُقدم المجني عليه تنازلاً موثقاً أمام الجهات الرسمية.
ومع ذلك، يبقى القرار النهائي للنيابة أو المحكمة، التي قد ترفض التصالح حفاظًا على النظام العام.
مثال قضائي
في إحدى قضايا دبي، رفضت المحكمة إنهاء دعوى تحرش لفظي رغم تنازل المجني عليها، لثبوت أن الجاني سبق وأن تم إنذاره بسلوك مشابه في مكان العمل.
حيث أن التنازل لا يُسقط العقوبة تلقائيًا: حتى لو قُبل التنازل، لا يعني ذلك بالضرورة إسقاط العقوبة، بل قد يؤثر فقط على تخفيفها في الحكم النهائي، خاصة إذا اعتُبر دليلاً على الندم وحسن النية.
قد يهمك أيضًا: هل يجوز التصالح في جريمة هتك العرض في الإمارات.
الأسئلة الشائعة حول عقوبة التحرش في الامارات
تُظهر التشريعات الإماراتية حزمًا بالغًا في مواجهة جميع صور التحرش الجنسي، سواء كانت لفظية أو جسدية، وتضع حماية الفرد وكرامته في صلب السياسة الجنائية للدولة. ومن خلال استعراض عقوبة التحرش في الامارات وأركان جريمة التحرش والاتجاهات القضائية الحديثة، يتضح أن الإمارات لا تتهاون مع هذا النوع من الجرائم، خاصةً حين يتعلق الأمر بـالتحرش الجنسي بالأطفال أو الاعتداء على قاصر.
إذا كنت بحاجة إلى تقييم قانوني دقيق لحالتك، تواصل مع محامي المكتب عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا، لنقدّم لك المشورة القانونية باحتراف ومسؤولية.
تنويه قانوني:
المعلومات الواردة لأغراض تثقيفية ولا تشكّل مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصّصة يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصادر
- قانون العقوبات المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021.
- قانون وديمة – قانون حقوق الطفل.
- قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي – وزارة العدل الإماراتية.

محامٍ بارز في مجال القانون الجنائي في الإمارات، حيث اكتسب سمعة متميزة بفضل خبرته وإسهاماته الأكاديمية. كما ويشغل مكانة مرموقة كمحكم ومحاضر في عدة أكاديميات وجامعات في الدولة، ويتمتع بخبرة واسعة في التشريعات وصياغة القوانين ومسائل الجهات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل عضوًا في عدة مؤسسات مهنية وأكاديمية على الصعيدين الوطني والدولي، بما في ذلك جمعية الإمارات العربية المتحدة للمحامين ومجلس الاستشارة التربوية لجامعة الإمارات الأمريكية وجامعة الشارقة، ولجنة التحكيم العربية.