تخطى إلى المحتوى
التنازل عن جريمة النصب الإمارات

متى يتم التنازل عن جريمة النصب في الإمارات؟ دليل قانوني شامل

في إحدى القضايا التي وردت إلى مكتبنا مؤخرًا، تلقّى عميلنا اتصالاً من مركز الشرطة يُبلغه بفتح بلاغ جنائي ضده بتهمة النصب والاحتيال، نتيجة خلاف مالي مع أحد الشركاء في صفقة تجارية. وبعد وساطات ومحاولات صلح، قرر المشتكي العدول عن شكواه والتنازل عنها. إلا أن التساؤل الأبرز الذي طُرح حينها كان: هل يجوز التنازل عن جريمة النصب في القانون الإماراتي؟ وهل يسقط بذلك الحق العام أم يقتصر الأثر على الدعوى المدنية فقط؟

لذا، سنستعرض في هذا المقال الموقف القانوني للتنازل عن جريمة النصب والاحتيال وفقاً لما نصّ عليه قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، مع توضيح الشروط والقيود والآثار القانونية المترتبة على التنازل.

للتواصل مع محامي جنائي في الامارات، يُرجى النقر على زر الواتساب أسفل الشاشة.

الإطار القانوني للتنازل عن جريمة النصب في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي

يُعد التنازل عن الشكوى في بعض الجرائم من المبادئ القانونية التي أقرّها قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، لكنه قيّد هذا التنازل بشروط محددة تتعلق بطبيعة الجريمة والعلاقة بين المجني عليه والجاني. وفي سياق الحديث عن جريمة النصب والاحتيال، لا بد من الرجوع إلى المواد الأساسية في هذا الشأن، وهي المواد 10 و11 و17 من القانون المذكور.

المادة 11 من قانون الاجراءات الجزائية

تنص المادة 11 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 38 لسنة 2022 بشأن الإجراءات الجزائية على أنه لا تُرفع الدعوى الجزائية في بعض الجرائم إلا بناء على شكوى من المجني عليه، أو من يمثله قانوناً، أو وكيله الخاص. ومن هذه الجرائم:

  • السرقة.
  • النصب (الاحتيال).
  • خيانة الأمانة.

لكن يشترط أن تكون الجريمة قد وقعت بين الزوجين، أو الأصول، أو الفروع، وألا تكون الأشياء المحتال بها محجوزاً عليها أو مثقلة بحقوق للغير.

وبالتالي، فإن جريمة النصب لا يُقبل فيها التنازل إلا إذا توافرت هذه الشروط، وإلا اعتبرت من الجرائم التي تمس المصلحة العامة ويُمنع التنازل فيها.

المادة 17 من قانون الاجراءات الجزائية: التنازل عن الشكوى وآثاره

جاء في المادة 17 من نفس القانون أنه يجوز لمن قدم الشكوى في الجرائم المذكورة في المادة 11 أن يتنازل عنها في أي وقت قبل صدور حكم بات، ويترتب على هذا التنازل انقضاء الدعوى الجزائية.

وفي حال وفاة المجني عليه، ينتقل حق التنازل إلى جميع ورثته. أما إذا تم التنازل بعد صيرورة الحكم باتًا ونهائيًا، فإن النيابة العامة ملزمة بوقف تنفيذ العقوبة وإخلاء سبيل المحكوم عليه.

المادة 10 من قانون الاجراءات الجزائية: لا تنازل خارج الحالات التي يجيزها القانون

من المهم التذكير بنص المادة 10 التي تقرر أن:

“لا يجوز التنازل عن الدعوى الجزائية أو وقف أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في هذا القانون”.

وهذا يعني أن التنازل ليس حقاً مطلقاً للمجني عليه، بل مقيّد بنصوص قانونية محددة، ويُعدّ باطلاً كل تنازل خارج الإطار الذي حدّده المشرع.

شروط التنازل عن جريمة النصب في القانون الإماراتي

حتى يكون التنازل عن جريمتي النصب والاحتيال معتبرًا قانونًا ويترتب عليه الأثر المطلوب، يجب أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط الأساسية التي نصّ عليها قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، وهي:

  • أن تكون الجريمة من الجرائم المشروطة بالشكوى: أي أن تقع بين الزوجين أو أحد الأصول والفروع، وألا تكون الأموال محل الجريمة محجوزة أو مثقلة بحقوق للغير، كما جاء في المادة 11.
  • أن يتم التنازل قبل صدور حكم بات: فإذا صدر حكم نهائي، لا يسقط التنازل الحكم بل يُوقف تنفيذه فقط، ويُخلى سبيل المحكوم عليه.
  • أن يكون التنازل صادراً من المجني عليه أو ورثته: وفي حال وفاة المجني عليه، ينتقل حق التنازل إلى جميع الورثة دون استثناء.
  • أن يكون التنازل صريحاً وواضحاً: ويُفضّل أن يُقدَّم خطياً أو أمام جهة قضائية.
  • في حال تعدد المجني عليهم أو المتهمين: يجب أن يتنازل جميع المجني عليهم، أما تنازل المجني عليه فيسري على جميع المتهمين ما لم يُنص على خلاف ذلك.

وعليه، فإن استيفاء هذه الشروط يُعدّ شرطاً جوهرياً لإنهاء الدعوى الجزائية بسبب التنازل، وإلا ظلّت قائمة بآثارها الجنائية الكاملة.

ما هي جرائم الشكوى في القانون الاماراتي؟

جرائم الشكوى هي الجرائم التي تُشترط فيها الشكوى في القانون الإماراتي، فحسب نص المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، لا تُحرّك الدعوى الجزائية إلا بناءً على شكوى من المجني عليه أو من يمثله قانونًا في الجرائم التالية:

  • السرقة، النصب (الاحتيال)، خيانة الأمانة، إذا وقعت بين الأزواج أو الأصول أو الفروع، بشرط ألا تكون الأشياء محل الجريمة محجوزة أو مثقلة بحق الغير.
  • عدم تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه.
  • الامتناع عن أداء النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن.
  • السب والقذف وبعض الجرائم ذات الطابع الشخصي التي يحددها القانون.

وتنقضي الدعوى الجزائية إذا تنازل المجني عليه عن شكواه في أي من هذه الحالات، ما لم يكن قد صدر حكم بات في الدعوى.

الآثار القانونية للتنازل عن جريمة النصب في الإمارات

يترتب على التنازل عن الشكوى في جريمة النصب، عند توفر الشروط القانونية، نتائج قانونية مباشرة تمس مسار الدعوى والحقوق المرتبطة بها. وتختلف هذه الآثار بحسب المرحلة التي تم فيها التنازل، وطبيعة الجريمة، وعدد الأطراف المعنيين، وهي:

  1. انقضاء الدعوى الجزائية:
    إذا تم التنازل في الوقت المناسب، وكانت الجريمة مشروطة بالشكوى، فإن التنازل يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية بشكل كامل، ويُغلق الملف الجنائي بحق المتهم، دون صدور حكم بالإدانة.
  2. وقف تنفيذ العقوبة في حال صدور حكم بات:
    في حال تم التنازل بعد صدور حكم نهائي، فإن الدعوى لا تُلغى، لكن يترتب على التنازل وقف تنفيذ العقوبة، وتُخاطب النيابة العامة بذلك لإخلاء سبيل المحكوم عليه، عملاً بنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجزائية.
  3. شمول الأثر جميع المتهمين:
    إذا تعدد المتهمون في جريمة النصب، فإن تنازل المجني عليه عن الشكوى بحق أحدهم يسري على الجميع، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
  4. عدم شمول التنازل للحق العام في بعض الحالات:
    إذا لم تكن الجريمة من الجرائم المشروطة بالشكوى، فإن التنازل لا يُسقط إلا الحق الخاص (المطالبة بالتعويض)، دون أن يُلزم النيابة العامة بوقف السير في الدعوى الجزائية، إذ تبقى ملزمة بمتابعة الجريمة باعتبارها تمس المصلحة العامة.
  5. زوال الآثار المدنية والجنائية معاً في الحالات المشمولة:
    عند تحقق شروط التنازل المنصوص عليها في المادة 11، فإن التنازل يؤدي إلى سقوط كل من الحق العام والحق الخاص، فلا يُعاقب الجاني، ولا يُطالب بتعويض.

لكن يجب الانتباه إلى أن هذه الآثار لا تتحقق إلا إذا استوفت واقعة النصب شروط الجرائم القابلة للتنازل، وإلا بقيت الدعوى قائمة ومستمرة بقوة القانون.

متى لا يُقبل التنازل عن جريمة النصب في القانون الإماراتي؟

رغم أن التنازل عن الشكوى قد يؤدي في بعض الحالات إلى انقضاء الدعوى الجزائية، إلا أن هناك حالات لا يُقبل فيها التنازل، أو لا ينتج الأثر القانوني المرجو منه. وتُعد هذه القيود بمثابة ضمانة لعدم المساس بالمصلحة العامة، وتجنب إساءة استخدام الحق في التنازل.

  • إذا لم تكن الجريمة مشروطة بالشكوى: كأن تقع بين أطراف لا تربطهم علاقة قرابة أو زواج كما تشترط المادة 11.
  • إذا كانت الأموال محل الجريمة محجوزة أو مثقلة بحقوق للغير: فلا يُعتد بتنازل المجني عليه وحده.
  • إذا تم التنازل بعد صدور حكم بات: يُوقف تنفيذ العقوبة فقط في الحالات المحددة، دون إلغاء الحكم أو محو الإدانة.
  • إذا تعدد المجني عليهم ولم يتنازلوا جميعاً: فلا ينتج التنازل أثره إلا إذا صدر عنهم مجتمعين.

وبالتالي، يبقى قبول التنازل مشروطًا بتحقّق ضوابط قانونية صارمة، حمايةً للحقوق العامة والخاصة معًا.

عقوبة جريمة النصب في قانون العقوبات الإماراتي

تُعد جريمة النصب من الجرائم المُشددة في التشريع الإماراتي، نظراً لما تنطوي عليه من خداع واحتيال للإضرار بمصالح الغير، سواء أفراداً أو جهات عامة. وقد نظّم المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن قانون الجرائم والعقوبات العقوبات المقررة لها، حسب ما جاء في المادة 451 وما بعدها، كما يلي:

  • العقوبة الأصلية: يعاقب على النصب بالحبس مدة تصل إلى سنتين، أو بالغرامة، أو بكلتا العقوبتين، حسب ظروف الجريمة وخطورتها.
  • العقوبة المشددة: تُغلّظ العقوبة إلى السجن المؤقت أو المؤبد إذا:
    • وقعت جريمة النصب على أموال عامة، أو أموال مخصصة للمنفعة العامة.
    • باستخدام صفة عامة أو مستندات مزوّرة أو انتحال صفة موظف.
    • تعدد الجناة أو الضحايا: في حال تعدد المتهمين أو المجني عليهم، تُؤخذ هذه الوقائع بعين الاعتبار لتشديد العقوبة.

ويُظهر هذا التنظيم أن المشرّع الإماراتي لا يتساهل مع جرائم الاحتيال المالي، ويوازن بين مصلحة الضحايا وحماية النظام العام.

قد يهمك أيضًا: عقوبة الاحتيال في القانون الاماراتي.

الأسئلة الشائعة حول التنازل عن جريمة النصب في الإمارات

يسقط التنازل الدعوى إذا توفرت شروطه. أما إذا صدر حكم نهائي، فالتنازل يُوقف تنفيذ العقوبة فقط دون إلغاء الإدانة.

لا يُعتدّ بالتنازل إلا إذا تم من جميع المجني عليهم. أما تنازل أحدهم فقط فلا يكفي لإنهاء الدعوى.

نعم، إذا كانت الجريمة لا تندرج ضمن الجرائم التي يشترط فيها الشكوى، فإن النيابة العامة تتابع الدعوى باعتبارها تمس المصلحة العامة.

ينقضي الحق في تقديم الشكوى بعد 3 أشهر من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها، وذلك في الجرائم التي يشترط فيها القانون تقديم شكوى، ما لم ينص القانون على مدة مختلفة.

نعم، يجوز التنازل بعد صدور حكم بات، لكن لا يؤدي ذلك إلى إلغاء الحكم، بل يُلزم النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة فقط، وفقًا للمادة 17 من قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي.

في ختام هذا المقال، نكون قد أجبنا على السؤال المتكرر: هل يجوز التنازل عن جريمة النصب في القانون الإماراتي؟، وبيّنا أن الأمر يخضع لشروط صارمة حددها المشرّع، أبرزها أن تكون الجريمة من الجرائم المشروطة بالشكوى، وأن يتم التنازل قبل صدور حكم بات. كما أوضحنا الآثار القانونية المترتبة على التنازل، والحالات التي لا يُقبل فيها، إلى جانب العقوبات المقررة لجريمة النصب وفق أحدث النصوص القانونية.

ننصح أي شخص يواجه تهمة احتيال أو يفكّر في التنازل عن شكوى في مثل هذه القضايا، أن يستشير محامي جنائي مختص لتقييم مدى انطباق الشروط على حالته بدقة.

للتواصل المباشر مع أفضل محامي قضايا النصب والاحتيال في الإمارات، اضغط على زر الواتساب أسفل الشاشة.

قد يهمك أيضًا:

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية عامة فقط، ولا تُعد مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصّصة تناسب حالتك، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المصادر

  • المرسوم بقانون اتحادي رقم 38 لسنة 2022 بشأن الإجراءات الجزائية.
  • المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات.
  • بوابة التشريعات الإماراتية.
تحتاج لمحامي؟
تواصل معنا الآن
اتصل بنا